تعتبر تسجيلات درجات الحرارة في عدة أماكن من العالم مهمة جداً. لأنها تبين درجة التسخين والتبريد وكمية الفيض الحراري أو الطاقة التي يتم استقبالها. وهي مهمة أيضاً لأن معظم النشاطات البشرية تعتمد على أحوال الطقس وتتأثر به.
وبدأ قياس درجات الحرارة في العالم حين اخترع الفيزيائي الألماني دانيال جبرائيل فهرنهايت (1686-1736) الترمومتر الكحولي سنة 1709 ثم الترمومتر الزئبقي ، وبعده الترمومتر الحديث سنة 1714. وفي عام 1724 عرّف مقياس الحرارة الذي لازال مسجلاً باسمه (مقياس فهرنهايت).
ومقياس سيلسيس للحرارة هو أيضاً يعرف بالمقياس المئوي لأنه يتكون من 100 درجة بين نقطة التجمد (درجة 0 مئوية) ونقطة الغليان (درجة 100 مئوية) للماء السائل عند الضغط الجوي للهواء على مستوى سطح البحر، وقد اخترع مقياس سيلسيس الفلكي السويدي اندرياس سيلسيس (1701-1744). واليوم تتم معايرة الترمومترات الحديثة بوحدات درجات الحرارة القياسية وفق مقياس سيلسيس أو مقياس فهرنهايت.
بدأ
تسجيل عناصر الأرصاد الجوية في ليبيا أثناء الإمبراطورية العثمانية (1551-1911). وتتوفر وثائق تسجيلات وأرشيفات درجات الحرارة لبعض محطات الأرصاد الجوية القديمة لدى إدارة المناخ بالمركز الوطني للأرصاد الجوية.
سجلت أسخن وأعلى درجة حرارة في الظل على وجه الأرض في ليبيا بمدينة العزيزية (خط طول 3232 شمالاً وخط عرض 1335 شرقاً) وهي تقع على بعد 55 كيلو متراً جنوب شرق طرابلس، وتعتبر المركز التجاري الرئيسي لسهل الجفارة (شكل رقم 1). المكان الذي سجلت فيه أعلى درجة حرارة يقع في قلب العزيزية على أرض كان يملكها مزارع إيطالي سابقاً (شكل رقم 2).
شكل رقم 1: الموقع الجغرافي للعزيزية
أسخن وأعلى درجة حرارة كانت 58 درجة مئوية (136 درجة فهرنهايت) سجلت يوم 13 سبتمبر (الفاتح) 1922 في العزيزية، وفقاً للسجل السنوي لرصدات الحرارة المدون باللغة الإيطالية وأصدره المكتب الجمهوري المركزي للأرصاد الجوية والجيولوجيا في روما (شكل رقم 3).
شكل رقم 2: جزء من المزرعة بالعزيزية شكل رقم 3: سجل الحرارة للعزيزية باللغة الإيطالية
ويحتوي السجل على اسم المكان (عزيزية)، مستوى سطح البحر (158 متر) ودرجات خطوط الطول والعرض. كما يتضمن درجات الحرارة الأدنى والقصوى اليومية مع المتوسطات الشهرية. ولكن لا توجد أية معلومات عن أداة القياس أو نوع الترمومتر المستخدم في ذلك التسجيل.
تتوقف درجة الحرارة لأي مكان على عدة عوامل وبعض حالات الطقس وهي التي تسيطر أو تتحكم في المناخ. وتتضمن هذه التحكمات خط العرض والإرتفاع والتضاريس الجغرافية والمسافة عن البحر، الاجسام المائية، ومناطق مائية أخرى. شكل 4 يبين بعض معدلات المتوسطات الشهرية لمدة 62 سنة من التسجيلات المناخية بداية من 1922 إلى 1984. يبرز الرسم البياني بشكل واضح جدا انحرافات الهبوط والصعود. منتصف يناير (أي النار) يشكل الشهر الانتقالي للمحطة، حيث تبدأ الحرارة في الارتفاع وهطول الأمطار في التناقص. متوسط كميات الأمطار القصوى تظهر في يناير (أي النار) بينما أقصى وأدنى درجات الحرارة تسجل في أغسطس (هنيبال) ويناير (أي النار) على التوالي.
شكل رقم 4: التسجيلات المناخية للعزيزية
كما ذكر سابقاً، العزيزية تقع على بعد 55 كيلو متر جنوب شرق طرابلس. بعض العناصر المناخية المسجلة في المحطتين (طرابلس والعزيزية) لمدة 38 سنة من 1913 إلى 1951 تمت مقارنتها ورسمها بيانياً. شكل رقم 5 يبين متوسط درجة الحرارة القصوى في العزيزية وطرابلس. ويبدو واضحاً من هذا
الشكل بأن المحطتين لها نفس الاتجاه ولكن بقيم مختلفة. تسجيلات متوسط درجة الحرارة القصوى لمحطة العزيزية أعلى كثيراً من طرابلس في كل أشهر السنة. أقرب التسجيلات كانت في ديسمبر (الكانون) ويناير (أي النار). العزيزية تسجل أعلى درجة في يوليو (ناصر) بينما طرابلس تسجل أعلى درجة في أغسطس (هنيبال)
شكل رقم 5: متوسط درجة الحرارة القصوى في طرابلس والعزيزية
شكل رقم 6 يبين متوسط أدنى درجات الحرارة في كل من طرابلس والعزيزية. يبدو واضحاً من الشكل أن كلتا المحطتين لها نفس الإنحراف Trend ولكن بقيم مختلفة. تسجيلات متوسطات درجات الحرارة الأدنى للعزيزية أقل كثيراً من طرابلس في جميع أشهر السنة. وأقرب تسجيلات هي في مايو (الماء) ويونيو (الصيف) وأكتوبر (التمور) على التوالي.
شكل رقم 6: متوسط درجة الحرارة الأدنى في طرابلس والعزيزية
في شهر يناير (أي النار) سنة 2007 بدأ المركز الوطني للأرصاد الجوية بناء محطة أرصاد سطحية جديدة في نفس الموقع بالعزيزية بعد أن تمت إزالة مبنى المزرعة القديم. الجدار الذي يحيط بالمحطة تم تشييده والإنتهاء منه وتتواصل الأعمال الإنشائية الأخرى (شكل رقم 7).
في الختام، بالرغم من التسجيلات الأخرى لدرجات الحرارة القصوى في أماكن أخرى من العالم، تظل العزيزية هي المحطة التي تحتفظ رسمياً بتسجيل أعلى درجة حرارة في العالم.