الأزياء الشعبية، وهي مختلفة شكلاً ولوناً، بعضها يخص الكبار وبعضها خاص بالأطفال، والبعض يتفرد بلبسه الشباب من الجنسين كل على حدة فهي أزياء تخص المرأة وأخرى خاصة بالرجال وهناك أزياء خاصة بكل فصل من فصول السنة وأزياء للعمل وأخرى لمناسبات الأفراح والأعياد والمواسم والجدير بالذكر أن الأزياء الشعبية على اختلاف أنواعها قد شملها التطور كما حدث لغيرها من مظاهر الحياة الأخرى سواء في البادية أم في المدن والأرياف فبعد أن كانت بسيطة في خدماتها ونسيجها وإعدادها وحتى في شكلها وألوانها أصبحت تصنع من أقمشة غالية الثمن ووشيت وطرزت وطالتها يد الصانع الماهر بالتهذيب والتزويق والإبداع والتأنق وما إلى ذلك من الزخارف والإتقان..
الزبون أو كاط الملف
هذا لباس آخر يرتديه الرجل فوق القميص الذي يعتبر لباساً داخلياً ، ويلبس فوقه الجرد أو البرنوص ، ولا يرتدي الرجل العبي فوق هذا اللباس حيث لا تنسجم معه لا شكلاً ولا موضوعاً ، فارتداء العبي فوق كاط الملف يعد نشازاً ومدعاة للسخرية والاستهجان .
ويتكون الزيون أو كاط الملف من ثلاث قطع هي : السروال ، والفرملة أو البدعية ، والزبون جميعها من نسيج القماش الفاخر ، مطرزة كل قعطة من هذه القطع الثلاث بتطريز خاص يأخذ أشكالاً زخرفية متنوعة تشكل بواسطة مفتول الحرير الخالص بيدي صانع ماهر يستعمل فيها الإبرة فقط .
ونجد في قول المرأة إشارة لهذا النوع من اللباس الكثير من المنظومات ، منها على سبيل المثال :
يَازَيْن يَا لاَبَسْ الزِّيْنْ
يا اللّي ابْلادَهْ بَعِيدَهْ
عَلَى الصّدَرْ لاَبَسْ زَبُونَيْنْ
تفوزيل كَسْوهْ جَدَيدَهْ
فالمرأة في هذا القول تخاطب رجلاً غريباً عن الديار بقولها : يَازَيْن يَا لاَبَسْ الزِّيْنْ بمعنى يا جميل الهيئة ، وربما يتعدى إلى زين الأفعال أيضاً ، وتنعته بأن بلاده بعيدة أي أنه غريب عن الحي ، ثم تستطرد في البيت الثاني فتصف لباسه عَلَى الصّدَرْ لاَبَسْ زَبُونَيْنْ أي الفرملة أو البدعية والزبون .
وهذا اللباس يرتديه الرجل ويرتدي فوقه الجرد أو الحولي هذا اللباس الجبة ، وهي من نفس خامة الزبون والفرملة ، وهي عبارة على ثوب واسع فضفاض له أكمام تصل إلى ما فوق الرسغ بقليل .
القميص : هو ما يلبسه الرجل على جسمه مباشرة وهو كتان ( قطن ) ويسمى ( سورية ) يكون واسع الكمين عند أهل البادية ، ويكون ضيق الكمين ويقفل بأزرار ، وفي هذا الحالة ، يسمى سورية ( زليكة ) وفرنكة > وربما لهذه التسمية أسباب خاصة .
السروال : ويكون عادة من نفس قماش السورية وهو عبارة عن لباس واسع من أعلى ، وله رجلان تصلان إلى الكاحل ، ويربط بخيط حول الخصر يسمى ( تكّة ) وهو خلاف السروال الذي ذُكر ضمن القطع التي يتكون منها الزبون فهو غير مطرز وخاصة إذا كان القماش من نوع رخيص .
لباس الرأس
الكبوس : ويسمى في بعض الجهات الشنّة والشاشية ، وينعت أيضاً بالطاقية ، وهو غطاء للرأس ، وخاصة في الفصول الباردة ، فإذا كان فصل الصيف يكون لباس الرأس الطاقية البيضاء أو العراقية ، والكبوس نسيج من الصوف له شكل وعمق معين ، ويصبغ بالأحمر القاني ، والأحمر الفاتح وقديماً تلحق به نوارة أو شنوارة أو بسكل وكل هذه المسميات عبارة عن خيوط من حرير لونها أزرق أو أكحل تتدلى من أعلى الكبوس وتنسدل على الرقبة بشكل مائل ، والكبوس لا يصنع في ليبيا وإنما يجُلب من تونس وينفرد بصنعه طاقم خاص في حي خاص يُعرف بحي الشواشية نسبة إلى الشاشية ، ويلبسه الرجال في البادية والمدن سواء في تونس أو ليبيا وتختص كل جهة بلبس نوع من الكبوس فهو مميز بأنه لبس طرابلس أو بنغازي أو صفاقس أو غيرها من الجهات ، وهذا الاختلاف ناجم عن اللون ، وليس العمق أو الخامة.
أما الطاقية البيضاء أو العراقية فهي من قماش أبيض وبشكل يشبه شكل الكبوس ، وليس لها نوارة أو شنوارة وهي غطاء للرأس في فصل الصيف ، وأغلب الذين يلبسونها في المناطق الغربية من ليبيا وخاصة مدينة زوارة والبلدات القريبة منها .
وفي وسط ليبيا وعلى الأخص أهل البادية الذين ينتمون إلى قبائل كبيرة معروفة كأولاد بوسيف والمشاشية والزنتان والمقارحة والقذاذفة وأولاد سليمان ومعدان والفرجان والحسون وورفلة وكل القبائل والتجمعات الصغيرة البدوية أو التي من أصل بدوي فهؤلاء جميعاً يستعملون غطاء للرأس الزمالة ، أو الفافة ، وهي من قماش رقيق غالباً ما تكون ذات لون أبيض ، يلف بها الرجل رأسه ويسدل طرفها على رقبته ، ويتفنن بعضهم في لفها على الرأس بشكل مميز ويتأنق مخصوص يجلب الأنظار ، وتتميز كل قبيلة بوضعية خاصة على الرأس للفافة والزمالة كلمة فصيحة وردت في القرن الكريم أما تسميتها باللفافة فقد جاءت من وضعيتها شكلاً ، حيث يلف بها الرأس ، أما تسميتها بالخاصة فلعلها جاءت من خصوصيتها ، أي أنها تخص الشخص دون سواه .
الأحزمة :
والأحزمة جمع وهو ما يلفه الرجل على خصره لشد القميص إلى جسمه فالغرض من ناحية يعين على تماسك الجسد عند بذل المجهود العضلي ، ومن ناحية أخرى هو زينة تكمل جمال اللباس وتناسقه ، ومن أسماء الأحزمة ، القشطة وهي من قماش أبيض ، والكامار وهو من قماش ملون ومزركش ، والسبتة وهي من الجلد.
لباس الرِّجَل ( النعال )
في البادية والمدينة الرِّجَل في رجله يسمى ( بلغة ) ، وهي نعال وجهه من جلد الماعز أو صغار البقر ، وقاعه من جلد البقر أو البعير ، لها لسان من أعلى وعقب يلف العقب من الخلف تصبغ باللون الأصفر عادة وتكون ( مغزولة ) مطرزة بخيوط من حرير ، وفي هذه الحالة تسمى ( ريحية ) وتكون عادية بدون تطريز ، فالأولى نعال للوجهاء وعلية القوم ، والثانية للعامة من الناس ، وهناك نوع آخر من النعال يسمى ( مداس ) ينتعله الرعاة وعمال الفلاحة وضعاف الحال.
وفي الأمثال الشعبية إمشي بالمداس لين تجيك الريحة والمَّدس ما يندري على الحفيان والراكب يقول سوقوا.هذه هي نعال الناس إلى وقت قريب مضى والتي أصبحت الآن في حكم الأشياء التراثية ، أما الآن فقد تطورت أحذية الناس فأصبحت عصرية ، منها ( السباط ) ( الكندرة ) و ( البوط ) و ( المداس ) و ( البلغة ) و ( الشبشب ) وأغلبها أسماء غير عربية تصنع في الخارج وتُجلب إلى ليبيا وهي ذات أشكال وألوان وأنواع متنوعة ، وخاماتها متباينة ، وطرزها مختلفة .
د. التطريز
التطريز شغل يدوي تقوم به في الغالب نساء المدن ، وهو عبارة عن زخارف تشكل رسمات مختلفة الأشكال توشّى بها الوسائد وبعض المفارش وقطع القُماش المستخدمة في أغراض بيتية متعددة ، كما تستخدم أيضاً لتزيين بعض ملابس الرجال والنساء والأطفال .
ومن أدوات التطريز :
الإبرة (اليبرة) والميبر والمخيط ، وكلها تستخدم في تطريز معين ، فالإبرة وهي الغالب استعمالها في التطريزات المختلفة ، كتطريز ( الكردية ) : صدرية تلبسها المرأة مع البدلة الكبيرة في أيام معينة من أيام الفرح ، أو في مناسبات أخرى ، أو في يوم الطهور أو عندما تلبس المرأة ( صدارة بمعنى الاستعراض الذي تقوم به النساء يوم المحضر ، كما تستخدم في تطريز صدرية الرجل وسرواله ، أما الميبر وهي إبرة ذات طول وحجم أكبر من الإبرة الصغيرة ، فيستخدم في تطريز سروج الخيل ولوازمها المختلفة إلى جانب تطريزات أخر على الشراشف والوسائد والأبحر والبخشات وأغطية الأسرة والمفارش أما المخيط فيستخدم في خياطة بعض الجيوب والحشايا والغراير ولحمة قطع الحمل والفلجان التي يتكون منها جسم البيت بعضها ببعض .
والتطريز في حد ذاته عمل بيتي من أعمال التدبير المنزلي وهو من شأن المرأة مع استثناء بعض الرجال الحرفيين في المدن ، الذين يحترفون خياطة ملابس الرجال والنساء التقليدية وكذلك إعداد سروج الخيل ، ولا نجد في البادية من الرجال من يقوم بأية أنواع التطريزات ، خلافاً للمرأة في البادية التي تقوم بأنواع محدودة نمطية الشكل في بعض المنسوجات .
هـ . الحلي وأدوات الزينة
المرأة في ليبيا شأنها شأن المرأة في كل زمان ومكان ، تهتم بزينتها وترتب هندامها ، وتحرص على الظهور بالمظهر اللائق بين قريناتها ، وخاصة في مناسبات الأفراح وعند الزيارات الودية للأقارب والجيران ، فهي تختار ملابسها بعناية وتضعها بانسجام وترتدي الجديد والمفضل عندها حين تخرج لحضور حفلات الزفاف أو في مناسبات الأعياد وعندما تزور أهلها ومعارفها في المناسبات المتعددة ، والمرأة سواء كانت في الريف أو في المدينة أوحتى في ربوع البادية البعيدة عن العمران ، تتزين بالحلي على اختلافها ، والمصنوعة من الذهب أو الفضة وبعض المعادن الأخرى وتستعمل الحناء في تخضيب يديها ورجليها ، وتكحل عيونها بالكحل ، وتضع في فمها السواك ( الزوز ) وترسم حواجبها وترطب يديها ووجهها ببعض المواد الملمعة وتنقي أطرافها من الشعر ، وتعتني بشعر رأسها وتحرص دائماً على نظافة جسمها بالماء والصابون .
أ. بعض الحلي التي تتزين بها المرأة
المصوغات الفضية : كانت الحلي المصنوعة من الفضة شائعة الاستعمال ، وخاصة في العقد الخامس وما قبله من القرن العشرين وذلك لرخص ثمنها ، وأن الحياة الاقتصادية للسكان كانت لا تمكنها من اقتناء الحلي المصاغة من الذهب ، فكانت هذه الحلي عبارة عن خواتم ودبالج وأقراط وقلائد وبعض السلاسل والقطع الأخرى المثبتة فيها .. سنأتي على ذكر جلها في هذا المبحث .
الدبلج أو الدملج : كما يختلف الناس في نطق الكلمة من جهة إلى جهة أخرى .
والدبلج هذا عبارة عن صفيحة من الفضة بها نقوش غائرة وأخرى بارزة على جسمه من الخارج ، يشكل بواسطة الطرق والمعالجة باليد بحيث يصبح أسطواني الشكل ، تدخل فيه المرأة يدها ليستقر السوار بين الرصغ وأعلى الذراع ،يصنع من الفضة قديماً ، والآن أصبح يصنع من الذهب الخالص والموسرون من الناس يبالغون في حجمه ووزنه .
الخرص ( القرط ) : وهذا أيضاً كان يصنع من الفضة وهو عبارة عن حلقتين كبيرتين تقرنان بسير ، ويوضع على رأس المرأة بحيث تتدلى كل حلقة على وجه المرأة من يمين وشمال ، وهذا النوع من الحلي تتزين به المرأة من الذهب الخالص وبأشكال مختلفة وتتزين به المرأة في المدينة والبادية والريف على السواء .
القلائد :
وهي أنواع كثيرة أشهرها المحمودية ، وكانت هذه القلائد تصنع جميعها من الفضة وبعض الناس يغطسونها في ماء الذهب ، أما الآن فأصبحت كل القلائد تصنع من الذهب الخاص وأخذت أسماء عدة منها : الكردان - الشعرية - الخناق الكبير - وغيرها من الأسماء .
الطارة - الصالحة - القبب - لحصان - اللموز ، وهي : قطع فضية مشكلة تشكيلاً خاصاً ، وبأحجام وأوزان مختلفة وبها نقوش محفورة على سطحها الخارجي ، تتزين بها المرأة في البادية والريف ولا تستعملها المرأة في المدن وهي في حكم المنقرضة ، ولم تبق إلا في المتاحف ومعارض المقتنيات الشعبية التراثية .
الخواتم :
وتسمى المفردة منها ( خوصة ) تتزين بها المرأة في المدن والأرياف على السواء وتلبسها في جميع أصابع يديها عدا الإبهام في مناسبات أفراح الزفاف ، وتصنع قديماً من الفضة أما الآن فهي تصنع من الذهب والماس والديناميت.
الحديدة ـ النبيلة ـ المقاس: أساور تلبسها المرأة في يديها وهي عبارة عن سوار يكون من الفضة ومن الذهب الخالص عدا المقاس الذي يكون من مادة غير الذهب والفضة ، فهو من المعدن أو من مواد أخرى أحداها البلاستيك .
هذه هي الحلي التي تتزين بها المرأة في ليبيا في مختلف البيئات بعضها يعد الآن في حكم المنقرض ( تراث ) وبعضها لايزال مستعملاً تتزين به المرأة في المناسبات المختلفة .
الخلخال :
حلقتان تكونان على شكل أسطواني في الغالب تلبسهما المرأة في رجليها وتحديداً تحيط بالساقين من الكعبة إلى منتصف الساق تقريباً ، وتصنعان من الفضة المغطوسة في ماء الذهب ، أو من الذهب الخالص بالنسبة للنساء المترفات ، وفي التعابير الشعبية التي تقولها النساء من صاحبات المرأة المترملة حديثاً ( حنة وخلاخل وراجل آخر) من باب الدعاية والمواساة
-------------------------------------------------------------