صفات ليلة القدر
نحمد مَن عَظُمت منته ، وسبغت نعمته
وسبقت غضَبَه رحمتُه ، وتمّت كلمته ، ونفذت مشيئته ، وبلغت قضيته
وصلي اللهم على نبي الأمة ، مبعوث الرحمة ، و على آله و صحبه و سلم .
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده و أن محمدًا رسوله و أن لا نبي بعده
أما بعد :
إخوتي في الله
مَن مِنا لم يكن مِن أَجَلِّ ما يُكثر الحديث فيه أيام الرمضان هو فضل و ميعاد ليلة القدر .
فتلك مسألة تعترض لنا حين نقترب مِن العشر الأواخر مِن رمضان
و لكن مَن مِنا يعلم فعلاً ما هى ليلة القدر معناها و حكمتها و لماذا سميت بهذا الاسم ؟؟
إليكم ما قد تريدون معرفته عن ليلة القدر بإذن الله
ليلة القدر و الحكمة من اخفائها :
هى الليلة التي ُأنزل فيها القرآن
وقد ُسميت بهذا الاسم لأنها ليلة ذات قدرٍ وشرفٍ ومنزلة حيث نزل فيها كلامُ الله
والحكمة مِن إخفائها هو حصول الاجتهاد في التماسها وعدم قصر العبادة عليها فقط
صفات ليلة القدر :
1. منها أنه نزل فيها القرآن ، كما تقدّم ، قال ابن عباس وغيره : أنزل الله
القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا ، ثم
نزل مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه
وسلم . تفسير ابن كثير .
2. وصْفها بأنها خير من ألف شهر في قوله : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) سورة القدر الآية 2 .
3. ووصفها بأنها مباركة في قوله: ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ) سورة الدخان الآية 3 .
4. أنها تنزل فيها الملائكة ، والروح ، " أي ًيكُثر ًتنّزل الملائكة في هذه
الليلة لكثرة بركتها ، والملائكة يتنزّلون مع تًنّزل البركة والرحمة ، كما
يتنزلون عند تلاوة القرآن ، ويحيطون بحِلَق الذِّكْر ، ويضعون أجنحتهم
لطالب العلم بصدق تعظيماً له " .
5. ووصفها بأنها سلام ، أي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا أو
يعمل فيها أذى كما قاله مجاهد ، وتكثر فيها السلامة مِن العقاب والعذاب بما
يقوم العبد مِن طاعة الله عز وجل .
6. ومنها قوله تعالى : ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) الدخان
الآية 4 ، أي يفصل مِن اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمرُ السنة وما يكون فيها
مِن الآجال والأرزاق ، وما يكون فيها إلى آخرها ، كل أمر محكم لا يبدل ولا
يغير ، وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به وكتابته له ، ولكن يُظهر
للملائكة ما سيكون فيها ويأمرهم بفعل ما هو وظيفتهم " شرح صحيح مسلم للنووي
" .
7. أن الله تعالى يغفر لمن قامها إيماناً واحتساباً ما تقدم من ذنبه ، كما
جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : (
مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم مِن ذنبه ، ومَن قام ليلة
القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم مِن ذنبه ) متفق عليه . وقوله : (
إيماناً واحتساباً ) أي تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه وطلباً للأجر لا
لقصد آخر من رياءٍ أو نحوه .
8. وقد أنزل الله تعالى في شأنها سورة ُتتلى إلى يوم القيامة ، وذكر فيها
شرف هذه الليلة وعظَّم قدرها ، وهي قوله تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2)
لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ
الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ
(4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) ) .
9. اختصاص الاعتكاف فيها بزيادة الفضل على غيرها مِن أيام السنة ،
والاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله تعالى وقد كان النبي -صلى الله عليه
وسلم- كما أخبرت عائشة -رضي الله عنها- يعتكف العشر الأواخر مِن رمضان حتى
توفاه الله تعالى ، ثم اعتكف أزواجه مِن بعده - متفق عليه -
فضل ليلة القدر :
العمل في هذه الليلة المباركة يعدل ثواب العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة
القدر ، وألف شهر ثلاثة وثمانون عامًا وزيادة ، فهذا مما يدل على فضل هذه
الليلة العظيمة ، ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتحراها ويقول ((
مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا
تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ))
رواه البخاري و مسلم و الترمذى و النسائى و أبو داود و أحمد و الدارمى .
لذا فمن رحمة الله علينا أننا وبالرغم من قصر أعمارنا نستطيع ان ندرك العمل
والثواب الكثير فى ليلة واحدة تعدل عمرًا بأكمله . وكأننا نضيف أعمارًا
إلى أعمارنا فهلموا لاستغلالها وتعويض ما فاتنا .
التماس ليلة القدر :
ليلة القدر ليست بليلة ثابتة ، بل هي متنقلة بين الليالي العشر الأخيرة مِن
شهر رمضان والراجح أنها في الوتر مِن العشر الأواخر لما ثبت فى البخاري
ومسلم مِن حديث عائشة :
" تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان " .
وجاءت الأحاديث في ثبوتها :
مرة ليلة إحدى وعشرين ومرة ثلاث وعشرين ومرة سبع وعشرين ومرة تسع وعشرين .
فعلينا الاجتهاد في العشر الأواخر مِن صلاة وصيام وقيام ودعاء واعتكاف
ونسأل الله أن يجعلنا ممن يدركون هذا الفضل العظيم
أحب الأعمال فى ليلة القدر :
1- أداء الصلوات المكتوبة للرجال مع جماعة المسلمين
2- صلاة القيام ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :
" من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " متفق عليه .
3- الدعاء .
4- قراءة القرآن .
5- اجتناب المحرمات ، دقيقها وجليلها .
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتهجد في ليالي رمضان ، ويقرأ قراءة
مرتلة ، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل ، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ ،
فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر ، وهذا أفضل الأعمال وأكملها في
ليالي العشر وغيرها ، والله أعلم .
وقد قال الشعبي في ليلة القدر : ليلها كنهارها .
وقال الشافعي في القديم : أستحب أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها.
أفضل الدعاء فى ليلة القدر :
أفضل ما يقال فيها مِن الدعاء :
" اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني "
يردده ويكثر منه داخل الصلاة ، وبين تسليمات القيام ، وفي سائر ليلها ونهارها .
فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم- :
(( أرأيتَ إن وفقت ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟ قال : قولي :
" اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ". )) رواه الترمذي وصححه الألباني .
وكان مِن دعائه -صلى الله عليه وسلم- :
" أعوذ برضاك مِن سخطك ، وعفوك مِن عقوبتك " رواه مسلم.
هذا بالإضافة إلى ما ييسره الله للعبد من الدعاء والذكر .
علامات ليلة القدر :
1- أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع ، صافية ليست كعادتها في بقية
الأيام ، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال : أخبرنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم :
( أنها تطلع يومئذ ٍ لا شعاع لها ) رواه مسلم .
2- تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة ،
قال تعالى : ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) (القدر:4)
3- ليلة خالية مِن الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر ،
وتكثر فيها السلامة مِن العذاب ، فهي سلام كلها ، قال تعالى { سلام هي حتى
مطلع الفجر }
4- ثبت من حديث ابن عباس عند ابن خزيمة ، ورواه الطيالسي في مسنده ، وسنده
صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليلة القدر ليلة طلقة ، لا حارة
ولا باردة ، تُصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة ) صحيح ابن خزيمة ( 2912 )
ومسند الطيالسي .
ونحمد الله على منته و كرمه علينا بأن أطال عمر طاعاتنا بليلة القدر
و نسأل الله أن يعيننا على التماسها و ألا نخطئها
*.*.*
بلغنا الله واياكم هذه اللية وجعلنا من عتقاء النار ومن الفائزين وغفر لنا ولكم جميعااا
هذه النفحة اللامانة مقتبسة[/[/center]