والآن مع موضوع هام ألا وهو كتابة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعَنْ الْمُغِيرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ" (رواه البخاري)
قال النووي رحمه الله في شرحه على مسلم : " ( فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) ،
قَالَ الْعُلَمَاءُ : مَعْنَاهُ فَلْيَنْزِلْ : وَقِيلَ فَلْيَتَّخِذْ مَنْزِلَهُ مِنْ النَّار ، وَقَالَ الْخَطَّابِيّ : أَصْله مِنْ مَبَاءَةِ الْإِبِلِ وَهِيَ أَعْطَانُهَا ثُمَّ قِيلَ : إِنَّهُ دُعَاءٌ بِلَفْظِ الْأَمْرِ أَيْ بَوَّأَهُ اللَّهُ ذَلِكَ ، وَكَذَا فَلْيَلِجْ النَّار ، وَقِيلَ : هُوَ خَبَر بِلَفْظِ الْأَمْر أَيْ مَعْنَاهُ : فَقَدْ اِسْتَوْجَبَ ذَلِكَ فَلْيُوَطِّنْ نَفْسه عَلَيْهِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى ( يَلِجْ النَّارَ ) وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ ( بُنِيَ لَهُ بَيْت فِي النَّار ) . ثُمَّ مَعْنَى الْحَدِيث : أَنَّ هَذَا جَزَاؤُهُ وَقَدْ يُجَازَى بِهِ ، وَقَدْ يَعْفُو اللَّهُ الْكَرِيمُ عَنْهُ وَلَا يَقْطَعُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ النَّار ، وَهَكَذَا سَبِيل كُلّ مَا جَاءَ مِنْ الْوَعِيد بِالنَّارِ لِأَصْحَابِ الْكَبَائِر غَيْر الْكُفْر ، فَكُلّهَا يُقَال فِيهَا هَذَا جَزَاؤُهُ وَقَدْ يُجَازَى وَقَدْ يُعْفَى عَنْهُ ، ثُمَّ إِنْ جُوزِيَ وَأُدْخِلَ النَّارَ فَلَا يَخْلُدُ فِيهَا ؛ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجه مِنْهَا بِفَضْلِ اللَّه تَعَالَى وَرَحْمَتِهِ وَلَا يَخْلُدُ فِي النَّار أَحَدٌ مَاتَ عَلَى التَّوْحِيد ." انتهى
بل إنه والعياذ بالله قد يصل الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكفر كأن يكون مستهزءً والعياذ بالله بعد انطباق شروط التكفير عليه وانتفاء موانعه فالأمر خطير جداً.
وبعد ما تقدم فعلى من ينقل حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرص الحرص الكبير على بيان درجة الحديث ومصدره، فقبل أن تنقل حرفاً واحداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعل مخافة الله بين عينيك واحذر عقابه ، فإياك أن تتحدث بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير مصدر موثوق ومرجع معتمد ، وإنه من العجب أن تنقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت لا تعرف أقاله أم لم يقله ! فماذا داهك لتعرض نفسك لغضب الله ؟! فهذه الدعوة تكون على بصيرة ، والله تعالى يقول : " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (108 : يوسف). فأعيد التأكيد وأقول : قبل أن تنقل حرفاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم توقف وتأكد من المرجع ومن صحة ما تريد نقله ووثقه وبينه وسأشير في الفقرات التالية لبعض المراجع الهامة المعنية على ذلك بإذن الله.
منقول